' م ' هراء الارواح
تَوَالت عَملِياتُ الانتحار وَباتَ الوضعُ دَمار، أرواحٌ تُزهق في الديار تُكِنُ الانهيارَ ، من قيدِ عالمها لم تَجد الخَلاص، سبيلُ القبورِ سَلكت وعَادت للديار، في تمامِ الساعةِ الثانيةَ عشرةَ سنكون لكم بالانتظار، فيَا حبذَا لو تتعجلوا بالإبكار.
ضَجت المواقع من هولِ ما أتى إلى مسامعهم
الجرائدُ الورقية تزينتَ بألوان تلك الجريمة، وقفتُ ها هنا عند تلك الزاوية الخشبية التي لطَالما كانت سكنًا لي، أمسكتُ جريدة قالت لي أنتِ في عداد الموتى رأيتُ اسمي مُدرجًا في الجزءِ الأيمن تبعته تفاصيل موتي ما هذا الهراء؟
توفيت شابة تبلغ من العمرِ عشرين عامًا شنقًا عند سفح جبل، تقطنُ في الحي رقم 8، الموافق الحادي عشر من نوفمبر من العام الثاني والعشرين وفقًا لتشريح الأطباء كانت الساعة الثانية عشرة ساعة موتي، لكن لأقل لكم لقد وضعوا صورة جميلة لي.
ليكن لنا لقاء عند أبواب إحدى المقابر، صدقوني سأسعد بِصحبتِكم ومنه لأروي لكم قصتي
11:45
11:49
11:52
11:56
دقت الساعة الثانية عشرة ، لم يحضر أحد باختصار لأنني قمت بقتلهم واحتفظت ببقايا روحهم.
أرواحٌ اقتلعتها بتشويه ملامحها شَرعت، عند التشريح غَدت كأنه لم يكن بها شيء، طمستُ تلك الاثار وأخفيتُ تلك الندوب، وعند أبواب إحدى المقابر انتظرت لعلها فهمت السر.
سرٌ بدأ في الثامن من نوفمبر قِبالة مرآة غرفتي،حقدٌ توطن داخلي وجّلس، اختلفت نظراتي لعالمي أنت إياكَ ولمس ما أملك،ما قلته مُوجهٌ لك ايضًا، لا تنظر بإبهام، تهويدة سمعتُها وميمٌ قلتها، تضاربت نفسي بقول ميم وبها اختلفت ملامح وجهي، لأقل ذلك ازداد الاسوداد وَ مُزِجَ ببياضٍ غريب توسعت به عيناي، ضحكتُ مع تلك التي تناظرني، جميلةٌ هي كما أنا، لكن ما بالُ شقوق توطنت بوجهها، أُصبتُ بالغرابة حيال هذا الأمر لا يُهم لأرى ماذا تود أن تحتسي.
أُريدُ دماء الأرواح هذا ما قالتهُ، ضحكتُ بذهول وهمستُ لنفسي إنها بارعة بالمزاح لكنها استمرت بتكرار قولها أريد الدماء، ذَهبتُ مسرعة إلى خارج غرفتي وتجرعت الماء، وقد تقاطر مني الخوف
بدأتُ بإقناع نفسي أنني أتهيأ أمور غريبة ربما بسبب ما اتعاطاه من دواء.
عُدتُ ادراجي والخوف قد توطن داخلي، نظرتُ يمينًا ويسارًا وأعدتُ الكَرة مرة تلوى الأخرى، إذ بها فارقت المكان، ربما ما كانتَ موجودة لتفارق، تراجعتُ بخطواتي وصولاً إلى سطح منزلي ، تحديقي بتلك الهاوية كان بمثابة تحضير لموتي، تَرددت على مسامعي أصوات مُلهمتي بالطبع كانت شقيقتي تخاطفنا الحديثُ لدرجةِ أنني نسيت إخبارها بهولِ ما رأيت، لم أهتم كثيرًا بتعدد المشاهد التي أراها أينما أرتحل، بدأ شيء ما بالتغير بداخلي لوهلة اعتقدت أنني ما زلتُ بوهمِ التخيل، كُرهي لنفسي بدأ بالتكاثر رغبتي باعتزال من حولي بات قرار من المحالِ تغييره، شرعتُ بالابتعاد عمن حولي ، رويدًا رويدًا بخطواتٍ تعاكست، و أفكاري وسواسٌ توطن داخلي لاعتزال عالمي وها أنا ذا آنستُ الجدران أُسمعها حِكَاياتي.
العاشر من نوفمبر يومٌ تكلل بموت طفلتين، جريمة بشعة ضجت بها المواقع، تسللت أرواحها إلى غرفتي محاولة أن تأخذَ بثأرِها، إحداهما بعين واحدة والأُخرى مشوهٌ وجهها، تزورني في كل ليلة لتلقي عليّ تحيةَ موتي، صدقًا لم أهتم فهذا هراء أرواح علقت ولم تنتصر لتخرج.
استيقِظُ على ضحكة صغير حينا التي لطالما أزعجتني، ليس بعد اليوم فقد مات ذاك الصغير بضحكةٍ على وجهه صنعها أحدهم بسكينة حادة بات مُواظِبًا على زيارتي حاملاً تلك السكينة الملطخة بالدماء، شأنهُ كشأن أرواح الفتاتين لم أُحرك لها ساكِنًا لأعترف لكم أنا من أخذ عين إحداهن وشوهت الأخرى، وبصمت ضحكة على وجه ذاك الطفل.
لأَطمئنَ على عائلتي، التقطت عيني طقوس شيطانية مُلِئت بها الأرجاء، دماءٌ حيوانات مُسالة على نار مهربجة، علاماتٌ رسمت بتلك الدماء، دمى شيطانية اتخذت أشكال انسانية كما نحن لكنها وبلا منازع أرواح، تلك كانت طقوس منتهية.
في صباح اليوم التالي الذي وافق الحادي عشر من نوفمبر من العام الواحد والعشرين ذهبتُ برفقة عائلتي لزيارة مشعوذ ارتدى لباس شيخ، تظاهر كان تظاهر ما يفعله كان ارتداء لوجه شخص اخر، لم يأبه لنظرات حقدي له، قلتُ لعائلتي لا أُعاني من أي خطب لا داعي لكل هذا، جادلتُ كثيرًا حتى توزعت صرخاتي بالمكان، شرعتُ بتفقد المكان تارة هنا وتارة أُخرى هناك، فتاةٌ في حسنها وجمالها ضاهت الكثير هادئة كانت كما ساعة جدارية على وشك أن تغدو منتهية الصلاحية، بآياتٍ عطرة شرع، وبقول بسم اللّه افتتح قوله، تجاحرت عيناها وانفجرت صرخاتها في المكان تارة تبكي وتارة تجهش بالبكاء، ترجوه بالتوقف عن تعذيبها.
استمرت تلاوته حتى هدأت الفتاة ولم تحرك ساكنًا واختتم بقوله أنها ممسوسة، لا أدري كيف وصلتُ إلى المرحاض وقفت أمام المرآة، قلت: أُخرجي قبل أن يعلم بوجودنا، قالت: لا تقلقي لن يقدر لنا و إن استطاع سيفارق وفي نهاية المطاف سيرحل اليوم كان أم غدًا.
دخلت بخطوات متعاكسة وقلبي تسارعت دقاته، نظر مُبتَسِمًا كأنما وصلته رجفات خوفي، حدث ما حدث للفتاة إنما الفرق أنني جلستُ كأن شيئًا لم يحدث أنهى تلاوته التي مُزجت بشيء من السرعة، يسأل ولا أُجيب، عنيدةٌ تلك الفتاة هذا ما قاله، قام بتبرير تصرفاتي وِفقَ عامل نفسي جعلني أُصابُ بالجنون لربما يُصيبني الجُحود، قبل خروجي ضحكتُ ضحكة لربما ستكون مفارق.
الملل بلغ حلقي لاتابعَ القليل من الأخبار، لا تنظر هكذا نعم أنت الذي تحاول أن تفهم ما أحاول قوله طار لي خبر وفاة ذاك الشيخ الذي كنت له في زيارة قبل فترة لربما يوم لم يُذكر ، نظرتُ إلى تفاصيل موته التي باتت تُذكر على أنها انتحار، توفي في الخامس عشر من نوفمبر شنقًا حتى الموت، يُشك بأنه انتحار لكن ما يلفت النظر حقًا هو وجود ندوب غريبة على جسم الضحية والتي اختفت في غرفة التشريح هذا ما ذُكر لنقل لروحه السلام فهو واحد من الانام.
استمرت مسيرتي بحياتي أَعيشُ مع عذاب الضمير عقارب ساعتي تشير إلى منتصف الليل، تتهافتُ همسات الشر داخلي و بوخزة محراكة للشر، أنتقِلُ بين تلك الأرواح السائرة، فقلبُ طفلٍ توسد أرضي وتناثرت دماءه وغَرِقت بها الأرجاء، أو صغيرة مبتورة الأطراف، متناثرةٌ روحها شرعت بالاستنجاد، غدا المكان بركة عارمة بالدماء، سرتُ والليل وحان وقت عودتي لمنزلي قبل أن ينتهي مفعول مخدرٍ نام في أجساد عائلتي، تسللتُ من شقوق نوافذ منزلي البالية وعانقتُ برود سريري.
في حينا شارع الحي الأول رقم 7 عند جهة اليسار وصولاً لبقالة إلياس وُجد زميلي وقد التف على رقبته ثعبان على هيئة حبل على حافة الشجرة الكائنة في الركن اليساري من البقالة، تفاصيل موته لم يكن بها أي لبس أو غموض لقد قالوا أنه انتحر لأسبابٍ نفسية، لا يهم لنقل لروحه السلام فهو واحد من الانام استمر خبر موته يعانقني عناق الموت لربما روحه لم تجد الخلاص، انشغلتُ بطقوس منتهية لأُرسل له روحه بدلاً من أن تستمر بالمسير حولي كالهاجس.
تلقيتُ ازعاج من فلذة كبد أمي بالطبع كان صغيرها المدلل، استمرت مضايقاته لي مستترة كونها لعب ولهو ، ربما يمزح هكذا قالت أمي، تدخلت مُلهمتي بالنقاش مدرعة بذريعة أنه صغير يريد أن يتسلى ويقضي وقتًا معنا لشعوره بالملل، يا من تقرأ تأبينة موتي هل لك بأن تغسل سواد اعترى نيتك فقط قليلٌ منها فهو بعمر الحادية عشرة وجُلّ ما يريده هو اللعب.
بات مصدر إزعاج لي، ارتأيتُ الوصول إلى ما هو منتهي، ضربته مرات عديدة وانهالت عليّ الشتائم اختبئت له في دياجي الليل مدرعة جُنح الظلام لادبَ الرعب بداخله وليكن بالحسبان أنني لم أُرد قتله لكن حدث ما حدث، استيقظتُ بغرفةٍ بيضاء جدرانها، متهشم جسدي جُروحه نازفة، غطت تلك الضمادات جسدي كله، ما الذي حدث لي؟
من الذي فعل ذلك؟
تلك أسئلة تبادرت إلى ذهني لوهلة قبل أن يمر شريطُ ما حصل أمامي، شعرتُ بالذهول من فعلتي حاولتُ التناسي كيلا تُعرفَ فعلتي، جاءت عائلتي وقد اغرورقت عيناهم بالدموع مُهداة لي، لابد أنها لشخص شخص لن أَقول اسمه، يسألونني عما حدث قبل أسبوع، هل نمتُ حقًا كل تلك المدة؟
تظاهرتُ بمحاولة التذكر لكنني بكيت وقلت لهم لا استطيع، ما الذي حدث؟
بكت ملهمتي وقالت وجدنا مدللنا الصغير طريح الفراش مُهشم جسده كان غارقًا في وحل من الدماء اثار حيوانية مغروسة بداخله، نزيفٌ تمحور في رأسه قيل انها ضربات متكررة أدت إلى نزيف دماغي
وفق تشريح الأطباء كانت الساعة الثانية عشرة ساعة وفاته، بالطبع لم تكن قالت كل هذا فدموعها منعتها من ذلك والحزن أحكم قبضته عليها، بكيتُ و بحرقة لم استطع تمالك نفسي، تلك مدة لم استطع تجاوزها، بالمهدئات والمنومات كل ذلك لم يجدي نفعًا.
مراسم دفنه لم استطع إكمالها تقدمتُ بخطوات ثابتة وبدأتُ بنثر التراب على نفسي، أينما تضرب عيني اجدُ ترابًا بالطبع فنحن لم نعرف زراعة الأشجار لا ها هنا ولا بِحينَا، في قبره رَميتُ نفسي أردتُ الرحيل في الحال، موجات هستيرية أضحكُ ظنًا أن فعلتي وهم وأبكي لأنني أُواجهُ واقعًا تمثل بجثة هذا الصغير، عودتي للمنزل كان بداية الكابوس كابوس ضحكاتٍ يتهادى صداها في الأرجاء، ظِلالٌ تلاحقني أينما أذهب و أرتحل، أتجرع ذلك بتعاطي مسكنات لأفقد ذيول شعوري بالذنب؛ الذنب الذي توطن داخلي.
مرت الأيام والشهور، والحزن ما انفك عن تهشيمي ذكرياتٌ مُوجعة ارّقت جفني، حبيسة الليالي محرومة من طعم النوم، أُثقل كاهلي بكل ما حدث، وعندما تمكنت المنومات مني سمعتُ تسجيل لليلة الملعونة ليلة مقتل مُدلل أُمي، من هذا؟ وكيف حدث هذا؟
لقد مللت من أن أُوصمَ بجرائم دماء الأرواح، خرجتُ إذ بأختي الصغيرة التي تبلغ من العمر الثامنةَ عشرَ عامًا، لماذا قلتُ صغيرة وهي بعمر كبير باختصار لانها تعاني اضطرابات في الدماغ وتكوين وجهة نظر يحتاج منها وقتًا.
ما صَدمنِي حقًا أن استيعاب جريمة القتل كان أسرع مما تخيلت، إنني ومن هذه اللحظة في خطر، خرجتَ مسرعةً من الغرفة وهي تحمل التسجيل وكنتُ الاحقها كما لو أنها الفريسة، وقعتَ من أعلى درج بيتنا الكبير، والتقفتُ التسجيلَ منها قبل أن تقع
ما يُقلق حقًا أنها لم تمت، جرى نقلُها إلى المستشفى بالطبع يظن الجميع أنني نائمة فكل الشكر إلى مُنوماتي بفضلها لم أكن في لائحة الشك، توفيتُ أُختي بحادثة استثنائية لا دماء ولا تشويه (انتظروا الجزء الثاني).
اللغز: خلال كتابتي قمت بالاعتراف بعدة جرائم قمت بها وبعضها لم اعترف بها، سؤالي لكم ما هي جرائمي التي قمت بها ولماذا وما الدليل على فعلتي؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق