آخر المواضيع

الثلاثاء، 26 أبريل 2022

أنا بخيرِ/ الكاتبة: آلاء عبد الجبار كايد

 "أنا بخيرٍ"

أنا بخيرٍ، جملةٌ تتكونُ من شقين، أصفُ بها حالي كُل حينٍ، ولربما اعتدتُ على تكرارها دونَ أن أدركَ المعنى الذي تتضمنهُ، ما معنى أن أكونَ بخيرٍ؟ ولماذا أعتدتُ تكرار هذا الردِ دائمًا حتى و إن كنتُ أمرُ بصعابِ الأيامِ؟ 

أنا على عكس ما أبوحُ بهِ تمامًا، لساني ينبسُ بحروفٍ مضمونها أنّي بخيرٍ و بأفضلِ حالٍ، أما داخلي فعكس ما يظهرهُ لساني، داخلي متقدٌ كثيرًا، روحي تناجي أيّ شخصٍ بالإلحاحِ عليّ لعلّي أخبرتهُ بما أصابني، و بما يؤذيني و يحزنني، أنا لستُ بخيرٍ أبدًا، خارجي مُتزنٌ بالكامل، و داخلي زلازلٌ مضطرمةٌ تُخِلُ بتوازنِ فؤادي، حطامٌ أصابَ جميع مبانِ قلبي و انتهى الأمرُ بإنهيارِ مملكةِ فؤادي.

أنا مُتعبٌ جدًا من الداخل، و أحاولُ جاهدةً ألا أبدو كما أشعر، أحاولُ الفصلَ بين مجرياتِ الأحداثِ داخلي و مظهري من الخارج، فيمرُ بي غريبٌ ذاتَ حينٍ و يراني مُفعمةً بالسلامِ و الطمأنينة، يراني أسعد العالمين و كأنّ الحزن لم يطرق أبواب قلبي يومًا، أما حالي فعلى عكس هذا تمامًا، فالطمأنينةُ لم تزرني منذُ وقتٍ طويلٍ، و لم أشعر بسعادةٍ منذُ حينٍ، حتى أنّي نسيت دروبَ وصالها.

أنا هالكٌ، عالقٌ بين شتاتِ نفسي و محاولاتي العظيمة بالمحافظةِ على إتزاني من الخارج و ابتسامتي المُزيفة، ولربما حققتُ نجاحًا كبيرًا في هذهِ النقطة، فأوهمت كُلّ من رآني بسعادتي و اتزاني، الى أن توهمتُ أنا بذلكَ، قمت بتصديقِ أكاذيبي للحظةٍ، و يالي من ممثلةٍ بارعةٍ، استطعتُ خداعَ نفسي.

خدعتُ الجميعَ و نفسي، أخبرتهم بأني بخيرٍ دائمًا، أعتدتُ تكرار هذه الجملةَ كل حين، وقفت أمام العالمين بقوةٍ محدثةً إياهم عن كوني بخيرٍ و وقفت كثيرًا أمامَ المرآة مرددةً بصوتٍ عالٍ: "أنتِ بخيرٍ، إياكِ و العُبوس، كُلُّ شيءٍ على ما يُرام، الحياة لطيفةٌ لا حُزن فيها، فما من داعٍ للبُكاءِ و كوني قويةً دائمًا أيّتها الجميلة".

و كلما انتهيت من الحديث مع نفسي، حملتُ همومي على كاهلي و مضيتُ بها إلى وحدتي و عُزلتي، لأبكي قليلاً لعلّني استطعتُ التخفيف من الحِمل الذي يعلو قلبي، و ما أن ينتهي بكائي، ألملمُ شتاتَ ذاتي و استجمعُ قواي ناهضةً لأواجه العالمَ من جديدٍ، لأكونَ بخيرٍ مرةً أخرى كما لم أكن سابقًا و لا أكون حاضرًا.

أنا بخيرٍ، بخيرٍ يا عزيزي ولا تكرر سؤالكَ لي مرةً أخرى كي لا يختل اتزاني أمامك، كي لا تنهمرَ الدُموعُ من عينيّ دونَ قصدٍ و كي أحافظَ على ابتسامتي المُزيفةَ بثباتٍ.

آلاء عبد الجبار كايد




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مجلةٌ حلمك الأدبية

انا كاتب أردني صاعد أتمنى للجميع التفوق في حياتهم، وأطلب من الجميع السعي في تحقيق احلامكم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *